يناير 28، 2012

عين واحدة وعقول ثلاث

تخيل معي بأن ثلاث رجال يقعدون على كرسي خشبي في حديقة المدينة ، أحدهم عالم فيزيائي وآخر خياط وآخر مقاول ، هؤلاء الثلاث لا يعرفون بعضهم ، ولكن جمعهم القدر بأن أرادوا الجلوس في الحديقة واستنشاق هواء نقي ، الثلاثة يقعدون على نفس الكرسي ويتأملون ما يرون ، يا ترى ماذا يدور في اذهانهم؟

الفيزيائي يتأمل حوله من فضاء ، وينظر إلى الكائنات كيف تتحرك كيف تطير ، ويتساءل يا ترى كم سرعة الطير وكم وزنه وكم يحتاج من الوقت ليصل إلى أطراف الحديقة ، وينظر إلى الشمس وكيف أن أشعتها تسقط على الأشياء وتعكس الظلال ، ينظر إلى الناس وكيف يمشون وكم يحتاجون من الجهد ليتسلقوا ممشى الحديقة وكم درجة انحدارها.

أما الخياط فلا يرى ما يراه الفيزيائي ، بالرغم أنه يحمل نفس العينين ونفس المخ ، ولكنه ينظر إلى لباس الناس ، ما نوعها ، كيف خيطت ، ما نوع القماش ، كم استغرق ليخيط هكذا لباس ، ليس ذلك فحسب ، بل ربمى يسخر من ذوق أحدهم ويمتدح ذوق آخرين.

وأما المقاول فيتلمس الكرسي الذي يقعد عليه ، يتأكد من متانته ، يقيس جودته ، ثم ينظر للأرصفة والممشى ، ثم يلتفت إلى الأسوار ، فيحسب تكلفتها وكم من الربح يمكنه أن يكتسبه في مثل ذلك الأعمال.

البشر يملكون نفس الأعضاء ونفس درجة الذكاء إلى حد كبير ، ولكن قد يكون التعلم في الصغر والبيئة له تأثير كبير في طريقة تفكير الإنسان في شبابه أو كبره ، على الإنسان أن ينتبه لما يرى ويسمع ويتعلم ، فهو بذلك يبرمج عقله ويصنع نفسه.

أن تحفر في المكان الخطأ

تجد نفسك تسرف في بذل الجهد والوقت ، يومٌ تستاء ، ويومٌ تفرح ، تنقضي الأيام وتتعجب بأن الأمور لم تسر على ما كنت تتمناه ، ولربما بعد مضي سنين تكتشف بأنك لم تنجح بالمستوى المطلوب ، عندها ستعلم بأنك تحفر في المكان الخطأ ، على المرء أن يتحرى الأهداف قبل البدء في أي عمل ، فالتخطيط يجب أن يأتي أولاً دائماً وفي كل الأمور ولو كانت صغيرة ، فمثلاً لو أردت بأن تعيد تنظيم أثاث المنزل فعليك بالتخطيط أولاً ، فإن لم تفعل تجد تفسك بأنك تسرف في الجهد وتضيع الوقت وتعيد وتكرر في تحريك الأثاث نفسه ، وبعد التخطيط يجب عليك أن تكون متأكداً تماماً في قرارك ، فالظن وحده لا يكفي ، عليك أن تكون مؤمناً تمام اليقين ، عندها تستطيع أن تقول بأنك تعرف المكان جيداً ، ثم تبدأ تحفر فيه.